أمطار غزيرة تهدد 8 مقاطعات.. زامبيا تحذّر السكان مع ارتفاع مخاطر الفيضانات

أمطار غزيرة تهدد 8 مقاطعات.. زامبيا تحذّر السكان مع ارتفاع مخاطر الفيضانات
أمطار غزيرة في زامبيا

أطلقت الحكومة الزامبية تحذيرات عاجلة لسكان ثماني مقاطعات من أصل عشر في البلاد، في ظل ارتفاع مخاطر حدوث فيضانات شديدة خلال الأيام المقبلة، نتيجة استمرار هطول الأمطار الغزيرة التي تشهدها زامبيا منذ فترة، ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه المخاوف من تداعيات إنسانية واقتصادية محتملة، خصوصا في المناطق المنخفضة والريفية التي تعاني من ضعف البنية التحتية.

وأفادت وزارة الاقتصاد الأخضر والبيئة، الجمعة، بأن مستويات الخطورة تتراوح بين متوسطة ومرتفعة، مشيرة إلى أن التوقعات المناخية الحالية تنذر بفيضانات مفاجئة وتشبع واسع للتربة بالمياه، ما يزيد من احتمالات تضرر المنازل والمزارع والطرق الحيوية، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.

ثماني مقاطعات تحت التهديد

حددت الوزارة المقاطعات الأكثر عرضة للخطر في زامبيا، وهي لوساكا وموشينجا والمقاطعة الغربية والمقاطعة الوسطى والمقاطعة الجنوبية والمقاطعة الشرقية والمقاطعة الشمالية الغربية ومقاطعة كوبربيلت، وأوضحت أن ما لا يقل عن 75 منطقة داخل هذه المقاطعات قد تشهد فيضانات مفاجئة خلال الفترة المقبلة، في حال استمرت الأمطار بالمعدلات الحالية أو ارتفعت وتيرتها.

وتُعد هذه المقاطعات من أكثر المناطق كثافة سكانية ونشاطا اقتصاديا، حيث تضم العاصمة لوساكا ومناطق زراعية وصناعية حيوية، ما يجعل أي فيضانات محتملة ذات تأثير واسع على حياة السكان وسبل عيشهم.

تشبع التربة يزيد من حدة الأزمة

أشارت وزارة الاقتصاد الأخضر والبيئة إلى أن أحد أبرز أسباب ارتفاع مستوى الخطر هو تشبع التربة بالمياه نتيجة الأمطار المتواصلة خلال الأيام الماضية، فالتربة المشبعة تفقد قدرتها على امتصاص كميات إضافية من المياه، ما يؤدي إلى جريان سطحي سريع وتجمع المياه في الأودية والمناطق المنخفضة، مسببا فيضانات مفاجئة قد تحدث دون إنذار كاف.

وأكدت الوزارة أن هذا الوضع يضاعف المخاطر على المجتمعات المحلية، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف أنظمة تصريف المياه أو القريبة من الأنهار والمجاري المائية.

قلق في أوساط السكان

في عدد من المناطق المشمولة بالتحذير، سادت حالة من القلق بين سكان زامبيا، خاصة أولئك الذين سبق أن تضرروا من فيضانات في مواسم مطرية سابقة، ويخشى كثيرون من تكرار مشاهد النزوح المؤقت وفقدان الممتلكات والمحاصيل الزراعية، في بلد يعتمد جزء كبير من سكانه على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل والغذاء.

وأعرب سكان في مناطق ريفية عن مخاوفهم من أن تؤدي الفيضانات إلى عزل قراهم عن المراكز الحضرية، في ظل تضرر الطرق الترابية والجسور الصغيرة التي غالبا ما تكون أولى ضحايا الأمطار الغزيرة.

إجراءات وقائية ودعوات للحذر

دعت الحكومة الزامبية المواطنين في المناطق المهددة إلى توخي الحذر واتباع إرشادات السلامة، بما في ذلك تجنب العبور في المناطق المغمورة بالمياه، والابتعاد عن ضفاف الأنهار خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة، ومراقبة التحذيرات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة.

كما ناشدت السلطات المجتمعات المحلية الاستعداد لأي طارئ، وتأمين الوثائق المهمة والممتلكات الأساسية، تحسبا لاضطرار بعض الأسر إلى الإخلاء المؤقت في حال تفاقم الأوضاع.

تأثيرات محتملة على الاقتصاد والزراعة

لا تقتصر مخاطر الفيضانات في زامبيا على الجوانب الإنسانية فحسب، بل تمتد لتشمل الاقتصاد الوطني، خاصة القطاع الزراعي الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد الزامبي، فالأمطار الغزيرة والفيضانات قد تؤدي إلى إتلاف المحاصيل، ونفوق الماشية، وتضرر البنية التحتية الزراعية، ما ينعكس سلبا على الأمن الغذائي وأسعار المواد الأساسية.

كما قد تتأثر قطاعات التعدين والصناعة في مقاطعات مثل كوبربيلت، التي تعد مركزا رئيسيا لإنتاج النحاس، في حال تعطلت الطرق أو تضررت المنشآت بسبب الفيضانات.

الاستعدادات الحكومية والتنسيق مع الشركاء

أكدت وزارة الاقتصاد الأخضر والبيئة أنها تتابع الوضع عن كثب بالتنسيق مع هيئات الأرصاد الجوية وإدارة الكوارث، من أجل تحديث التوقعات وإصدار التحذيرات في الوقت المناسب، كما تعمل السلطات المحلية على رفع مستوى الجاهزية، من خلال تجهيز فرق الاستجابة السريعة ومراقبة النقاط الأكثر عرضة للخطر.

وتسعى الحكومة أيضا إلى تعزيز التعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، لضمان تقديم الدعم اللازم في حال تدهور الأوضاع، سواء من حيث الإغاثة الطارئة أو المساعدات الطبية والغذائية.

تجارب سابقة تزيد من المخاوف

تستحضر التحذيرات الحالية ذكريات مواسم مطرية سابقة شهدت فيها زامبيا فيضانات واسعة، تسببت في نزوح آلاف الأسر وتدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وفي بعض الحالات، استمرت آثار تلك الفيضانات لأشهر، مع صعوبة عودة المتضررين إلى حياتهم الطبيعية بسرعة.

تكرار هذه الظواهر يسلّط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز خطط التكيف مع التغير المناخي، وتحسين البنية التحتية، وتطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر فاعلية، خاصة في المناطق الأكثر هشاشة.

تُعد زامبيا من الدول الإفريقية التي تتأثر بشكل متزايد بالتقلبات المناخية، حيث تشهد مواسم مطرية غير منتظمة تتراوح بين فترات جفاف حاد وأمطار غزيرة تؤدي إلى فيضانات، ويعتمد جزء كبير من السكان على الزراعة المطرية، ما يجعلهم عرضة بشكل خاص لتأثيرات الطقس القاسي، وتعمل الحكومة الزامبية في السنوات الأخيرة على تبني سياسات للاقتصاد الأخضر والتكيف مع التغير المناخي، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة في ظل محدودية الموارد واتساع رقعة المناطق الريفية، وتبرز التحذيرات الأخيرة من الفيضانات كتنبيه جديد إلى حجم المخاطر المناخية التي تواجه البلاد، والحاجة إلى استجابات شاملة تحمي الأرواح وتعزز صمود المجتمعات أمام الكوارث الطبيعية المتكررة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية